الحمد لله نحن نعتقد أن الله هو خالق البشر ، وأنه الذي تفرّد بخلق جميع المخلوقات كلها من الدواب والطيور ، والحشرات والأسماك وغيرها من إنس أو جن ، ونعتقد أنه ما خلقهم عبثا ، فقد قال تع
الى في القرآن : (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق) الأنبياء / 16 ، وأنه فَضَّل الإنسان على سائر المخلوقات فأعطاه العقل والسمع والبصر والفؤاد ، وأنطق منه اللسان ، وفَضَّله على غيره من المخلوقات .
فقال تعالى في كتابه : (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء / 70 . فالإنسان ميّزه الله عن الخلق ، فلما أعطاه العقل والقلب كلّفه أن يعبده ، والإنسان يعلم مَنْ خلقه ، فأمره الله أن يعبده وهو ربه ومالكه ، والمالك له حق على المملوكين ، فالله خلق الخلق من البشر لعبادته ، ولذلك قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات / 56 ، وأنكر عليهم أن يكونوا خُلِقوا كما خُلِقت البهائم ، فقال تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) المؤمنون / 115 ، فهذا ظن سوء .
وقال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سُدى ) القيامة /36 أي مهملا ، لا يؤمر ولا ينهى ، ولا يكلف . فلما ميّز الله البشر عن غيره من المخلوقات كان من حكمة ذلك أن أمره بالعبادة ، ونهاه عن المحرمات ، ووعده على الطاعة بالجنة ، وأخبره أنه سوف يعيده بعد موته ، وسيلقى جزاءه كاملا ، فمن صدّق بذلك كان من الأتقياء المؤمنين ، ومن كذّب بذلك فقد عصى الله تعالى وتعرّض للعقاب في عاجل أمره وآجله ، ولا يضرّ إلا نفسه . والله أعلم