الله إلى محبة خلقه له..
إن مسؤولية الإنسان المؤمن في محبته لله، أن يعمل على أن يحبب الله إلى عباده، وذلك بالاساليب المتنوعة التي تثقف الناس بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا، في مواقع عظمته وامتداد نعمه، بحي
ث يشعر العباد بأن الله سبحانه هوالذي تحبب إليهم بخلقه ورعايته ورحمته ولطفه، حتى يحبوه حب الإنسان لربه الذي هو ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة، وأفاض كل ألطافه عليهم، ليجتمع لهم الإيمان العقيدي بتوحيده، والحب القلبي لذاته القدسية، في آفاق ربوبيته المطلقة التي لا حد لها في زمان ولا في مكان.
وهذا ما جاء الحديث به عن رسول الله (ص): (( قال الله عز وجل لداود (ع): أحبني وحببني إلى خلقي، قال: يا رب: نعم، أنا أحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: اذكر أيادي عندهم، فإنك إذا ذكرت لهم ذلك أحبوني)).
وفي الحديث عن الإمام محمد الباقر (ع): ((أوحى الله تعالى إلى موسى (ع): أحبني وحببني إلى خلقي، قال: موسى (ع): يا رب، إنك لتعلم أنه ليس أحد أحب إلى منك، فكيف لي بقلوب العباد؟ فأوحى الله إليه: فذكرهم نعمتي وآلاتي، فإنهم لا يذكرون مني إلا خيرا)).
إن هذا هو أحد أساليب الدعوة إلى الله في مسألة انفتاح الناس عليه وارتباطهم به ومحبتهم له، فإن معرفة الناس بنعم الله عليهم في كل أمورهم، في حياتهم العامة والخاصة، يجعلهم يشعرون بالارتباط الوثيق به في وجودهم، ويتعرفون أنه يجسد في أياديه كل شيء في الواقع الذي يعيشونه، منذ بداية خلقهم إلى نهاية حياتهم، فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، فكيف إذا كان المحسن في موقع الله في رعايته لعباده؟!
وربما يبرز هنا سؤال: ما هي حاجة الله إلى محبة مخلقه له، وهو الغني المطلق عن عباده بذاته، وهم الفقراء إليه؟
والجواب أن القضية لا تتصل بحاجة الله، بل تتصل بحاجة الخلق إلى ربهم، تماما كما هي المسألة في معرفتهم به التي حثهم عليها، لأنهم إذا أحبوا الله، أطاعوه وانفتحوا عليه، وإذا عرفوه، خضعوا له وعبدوه، وهذا مما يرجع بالخير عليهم في صلاح أمرهم، من خلال المصالح التي تحصل لهم بالطاعة، والمفاسد التي يبتعدون عنها بالبعد عن المعصية.