اشتد أذى المشركين في مكة لمحمد وأصحابه وتعرض لمحاولات اغتيال فبدأ يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما أرسله الله به للناس حتى سنة 11 من النبوة في موسم الحج جاء ستة من شباب يثرب وكانوا يسمعون من حلفائهم من يهود في المدينة، أن نبياً من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه. وعد الشباب الرسول بإبلاغ رسالته في قومهم وجاء في الموسم التالي اثنا عشر رجلاً، التقى هؤلاء بالنبي عند العقبة فبايعوه بيعة العقبة الأولى. وفي موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة يونيو سنة 622م حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون شخصاً من المسلمين من أهل المدينة، فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى الاتفاق على هجرة الرسول وأصحابه إلى المدينة المنورة وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية. وبذلك يكون الإسلام قد نجح في تأسيس دولة له، وأذن الرسول للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، فخرجوا حتى لمْ يبق بِمكة إلا محمد وأَبو بكرٍ وعلي بن أبي طالب. همّ المشرِكون أَن يقتلوه، واجتمعوا عِند بابه، فخرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد، وترك علي ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق بِه.[24]
ذهب الرسول إِلى دارِ أَبِي بكرٍ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها رسول الله لعبد الله بن أُرَيْقِط، على أَنْ يوافيهِما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق الرسول وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، و لم يستطع المشركين إيجادهما ويؤمن المسلمون أن لذلك تدّخل من عند الله، وفي يومِ الاثنين العاشر من شهر ربيع الأول سنة 622م دخل محمد المدينة مع صاحبه الصديق، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة.